بحث في المدونة ..

الاثنين، 21 نوفمبر 2016

لذلك .. كان لا بد من قتل كينيدي !



كتب / إسلام محمد رضوان .
       إن حادثة إغتيال الرئيس الأمريكي الخامس والثلاثون جون فتزجرالد كينيدي (جون إف كينيدي) في يوم الجمعة الموافق 22 نوفمبر / تشرين الثاني 1963م , عن عمر يناهز 46 عاماً , أثناء إستقلاله لسيارة مكشوفة رفقة زوجته جاكلين كينيدي في زيارة رسمية لمدينة دالاس بولاية تكساس الأمريكية , تعد أبرز الجرائم السياسية في العصر الحديث وحتى يومنا هذا , فبالرغم من أن كينيدي كان رابع رئيس للولايات المتحدة الأمريكية يتم إغتياله وثامن رئيس يتوفى علي منصبه , إلا أن واقعة إغتياله وما أحاط بها من علامات إستفهام عديدة ظلت في أذهان العالم حتى يومنا هذا.
       و كانت أولى علامات الإستفهام تلك ..
من قتل كينيدي ؟؟؟
إن إجابة هذا التساؤل الذي شغل أذهان الأمة الأمريكية والعالم لسنوات وسنوات بعد 22 نوفمبر 1963م , قد باتت واضحة لا شك فيها , ذلك بعد الفشل الزريع للتقرير الصادر عن لجنة التحقيق الرسمية المسماة بلجنة وارن في إقناع العامة بما إختلقه من قصة مفبركة , والتي تتمثل في إتهام لي هارفي أوزوالد , جندي سابق بالجيش الأمريكي , بإغتيال الرئيس الأمريكي جون إف كينيدي بإرادته الشخصية , وذلك بإطلاق النار عليه بمفرده من الدور السادس من مبنى مستودع كتب لمدرسة تكساس.
إلا أن هذه القصة المختلقة لم تكن بالقدر الكافي من المنطقية والدقة لتتفق  مع ملابسات و ووقائع ذلك الحادث , بحيث أصبح لا شك من وجود مآمرة حول مقتل الرئيس جون إف كينيدي خاصة بعد مقتل المتهم الرسمي لي هارفي أوزوالد الذي قبض عليه عشية يوم الإغتيال وقتل في 24 نوفمبر / تشرين الثاني 1963م , إي بعد يومين فقط من واقعة الإغتيال , في سجن دالاس أمام عدسات التلفزيون الأمريكي من قبل شخص تابع للمافيا يدعى جاك روبي , وبتتابع ظهور الأدلة وإتضاح البراهين .. باتت الحقيقة واضحة علي الصعيد العام أنه بواسطة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) بالتعاون مع المباحث الفدرالية (FBI) والمافيا تم إغتيال الرئيس الأمريكي الخامس والثلاثون جون فتزجرالد كينيدي (جون إف كينيدي) في يوم الجمعة الموافق 22 نوفمبر / تشرين الثاني 1963م.
وبعد تلك الحقيقة الصادمة كان من الطبيعي أن يتبادر إلي أذهاننا تساؤل أخر يجب التطرق إليه ..
كيف قتل كينيدي ؟؟؟
أثبت التحقيقات التي أجراها المدعي العام لأبرشية أورلينز في ولاية لويزيانا , بعد ثلاث سنوات من مقتل الرئيس كينيدي , وجود انتهاكات شديدة في كافة التحقيقات الرسمية التي تلت اغتيال كينيدي , فمثلاً تم مصادرة كافة الكاميرات والشرائط التي صورت عملية الإغتيال ومنها كاميرا فيديو كانت تمسك بها سيدة لتصور الموكب , واستطاعت تصوير عملية الإغتيال والأشخاص الموجوين بالمنطقة ، ألا أن رجلان ذكرا لها أنهما من رجال الأمن فصادرا تلك الكاميرا التي إختفت والشريط الذي بداخلها للأبد ، كما أن محققي المباحث الفدرالية (FBI) أجبروا الشهود علي أقوال غير حقيقية منها مثلاً أنهم لم يسمعوا سوى دوي ثلاث رصاصات , حتى وصل الأمر الي قتل بعض الأشخاص بسبب شهاداتهم..
بحيث تم قتل إمرأة كانت قد حذرت من قتل كنيدي قبل إغتياله بيوم واحد , وكان لها علاقة بجاك روبي قاتل أوزوالد. 
وكذلك تم قتل عامل مزلقان كان يعمل فى المنطقة بعد أن أدلي بأوصاف دقيقة لإثنين من المشتبه في مشاركتهم في إغتيال كينيدي , كانا يقفان بجوار سور خشبي علي الربوة العشبية التي إنطلقت منها الرصاصات التي أصابت الرئيس كينيدي , وقد تم قتله في حادث سير  في طريق خال تماما !!!
ولعل ما أكد أيضاً كذب التحقيقات الأولى , لغز رجل المظلة ، وهو الشخص الوحيد الذى فتح مظلته الواقية من المطر فيما كان الطقس مشمساً معتدلاً ، وقد فسرت تلك الحركة على أنها إشارة أرسلت إلى مطلقي النار.
والحقيقة أن ما قطع بكذب التحقيقات الأولى , هو ما ركز عليه جاريسون هو إثبات تهافت فكرة  قيام أزوالد بإطلاق ثلاث رصاصات قتلت الرئيس بينما هناك ثمان إصابات علي الأقل في جسدي الرئيس كيندي و حارسه الشخصي كونان , حيث أن الدكتور بيترز الذي فحص جسد كينيدي بعد مقتله , أكد أن جسد كيندي كان به علي الأقل ثلاث رصاصات واحدة هشمت مخه ، والثانية في عنقه ، والثالثه في ظهره ، بينما حارسه الأول كونان كان بجسده خمس رصاصات , مما يضحد كذبة المباحث الفدرالية التي تقول فيها أن هناك طلقة واحدة دخلت في ظهر الرئيس وسارت بميل 17 درجة حتى خرجت من عنق الرئيس في معجزة أولي , بعد أن انحرفت لليسار ثم استمرت في الهواء 1,6 ثانية , لتتجه في معجزة ثانية الي اليمين ثم الي اليسار لتدخل في ظهر كونان , لتنحرف الي اليسار 27 درجة , لتخرج مرة أخري من صدره بعد أن تحطم الضلع الخامس في معجزة رابعة , ثم تحطم يده وتخرج فى معجزة خامسة ، ثم تتجه يسارا الي فخذه الأيسر فى معجزة سادسة ، ثم تخرج من فخذه وهي سليمة تماما وكأن الرصاصة خارجة لتوها من المصنع , مما إضطر جاريسون لأن يدعوها بالرصاصة السحرية .
وإنتهى جاريسون إلى أنه لا شك في أشتراك قناصين علي الأقل في قتل كيندي خاصة أن الرصاصة القاتلة جاءته من جانب السور الخشبي , من الأمام علي اليمين وليس من ستودع الكتب , وأن رأسه ذهب الي الإتجاه المعاكس الي الخلف واليسار وهو ما يؤكد المؤامرة !!!
ولكن التساؤل الأهم والأجدر بالطرح والبحث والتنقيب ..
لماذا قتل كينيدي ؟؟؟
هذا هو السؤال الحقيقي ؟ السبب ؟  فكيف ومن الذي أظهر للناس أحجية FBI ,CIA , أوزوالد , روبي , كوبا , والمافيا , ليبقي العالم في دائرة الشك والتخمين مثل لعبة الروليت , ويمنعهم من طرح السؤال الأهم والأجدر .. لماذا؟ .. لماذا قتل كينيدي؟
وللإجابة علي هذا التساؤل الخطير والهام الذي هو في الحقيقة محور حديثنا أصلاً .. سوف أضع بين أيديكم عدة حقائق مجردة ..
- موقف كينيدي من المفاعل النووي الأسرائيلي (مفاعل ديمونة) ..
إجتمع الرئيس الأمريكي جون كينيدي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بن غوريون في 30 أيار / مايو 1961م , لبحث أهداف المشروع النووي الإسرائيلي , وحيث برر بن غوريون إلي جانب أن مشروع ديمونه النووي بأنه ذو طابع علمي , بحثي , صناعي , شدد علي قلق إسرائيل الأمني في ضوء إزدياد قوة العالم العربي , وخاصة تعاظم قوة مصر , وبناءً علي ذلك أوضح أن هدف إسرائيل في هذه المرحلة هو تخصيص المشروع لأغراض سلمية , ولكنه أوضح أيضاً أن إسرائيل ربما ستقوم بعد ثلاثة أو أربعة أعوام بتطوير المشروع النووي ليكون قادراً علي فصل البلوتونيوم الضروري للطاقة النووية , ولكن ليس ثمة قصد لتطوير قدرة لإنتاج الأسلحة الآن , وكانت هذه إشارة واضحة من بن غوريون إلي أنه لا يلتزم ألا تسعى إسرائيل في المستقبل إلي تغيير هدف المفاعل النووي في ديمونه إلي حاجات أمنية .
وبعد ذلك الإجتماع تغيرت سياسة إدارة كينيدي تجاه المشروع النووي الإسرائيلي من التساهل والمرونة إلى سياسة الحسم والشدة , فقد إزدادت المعلومات المتنوعة والمثيرة التي وردت إلي الإدارة الأمريكية التي تشير إلى أن مشروع ديمونة النووي يسير نحو تطوير قدرة نووية عسكرية , وأن إسرائيل تبذل أقصى جهدها لإخفاء ذلك عن الإدارة الأمريكية .
وفي بداية عام 1963م , أخذ كينيدي يصعد من ضغط الإدارة الأمريكية علي إسرائيل في هذا الشأن , حيث أصدر الرئيس كينيدي تعليماته إلى مستشار الأمن القومي ماك جورج باندي بإتخاذ كل وسيلة ممكنة , وبأسرع وقت ممكن , من أجل تحسين الحصول علي المعلومات بشأن نشاط إسرائيل النووي , وكذلك إجراء تقويم لوزن المشروع النووي الإسرائيلي وأهميته في نظر صناع القرار في إسرائيل , وطلب الرئيس كينيدي في الوقت نفسه من وزارة الخارجية الأمريكية إعداد خطط لوقف المشروع.
في 24 حزيارن / يونيو 1963م ، أرسل الرئيس كينيدي إلى بن غوريون رسالة شديدة اللهجة تناولت بشكل أساسي موضوع إخضاع مجمع ديمونه النووي للرقابة الأميركية الفعالة بأسرع وقت ممكن , وقد طلب إلى بن غوريون تحديد موعد لزيارة علماء أميركيين للمجمع في صيف ذلك العام وبأسرع وقت ممكن ، والسماح لهم بزيارة جميع المنشآت ومراقبتها والمكوث فيها وقتا كافيا للقيام بمهمتهم ، وأن تكون زيارتهم للمجمع دورية. وحذر كينيدي من تعرض التزام الولايات المتحدة تجاه إسرائيل وتأييدها لها لأضرار كبيرة إذا كان هناك اعتقاد بأن الولايات المتحدة لا تستطيع الحصول على معلومات موثوق بها في شأن موضوع مهم للغاية بالنسبة إلى السلام ، مثل جهد إسرائيل في المجال النووي , واختتم كينيدي رسالته بتهديد قال فيه إنه إذا رفضت إسرائيل الاستجابة لمطالبه ، فإن ذلك سيلحق الأذى بمستقبل إسرائيل ورفاهيتها.
لذلك ربط الكاتب الأمريكى رونالد كيسلر بين إسرائيل وبين إغتيال كينيدى ، وأن الذى قام بهذا الدور لحسابها هو رجل المخابرات المركزية المعروف جيمس إنجلتون ، وهو يهودى الديانة ، كان حلقة الإتصال بين المخابرات المركزية والموساد الإسرائيلى لسنوات طويلة , وكانت بعض التقارير الأمريكية قد ذكرت أن الولايات المتحدة أرسلته إلى إسرائيل فى عام١٩٥١م ، للمشاركة فى إنشاء جهاز المخابرات الإسرائيلى (الموساد) , ويشرح رونالد كيسلر تفاصيل الدور الذى قام به أنجلتون فى عملية إغتيال الرئيس جون كينيدى ، أن العلاقة السرية بين إسرئيل والمخابرات المركزية قد ظهرت بوضوح من خلال عمليات التغطية على التحقيق فى إغتيال الرئيس كينيدى ، وأن بعض الشواهد كانت قد أشارت إلى الدور الذى لعبه جيمس أنجلتون ، وأنه إستغل نفوذه داخل المخابرات المركزية فى دفع مدير الوكالة ريتشارد هلمز إلى التغطية على حقيقة مقتل كينيدى.
- موقف كينيدي من البنك الإحتياطي الفدرالي ..
البنك الإحتياطي الفدرالي , يمثل البنك المركزي في الولايات المتحدة الأمريكية , هو بنك خاص يديره أفراد من بعض العائلات
اليهودية (روتشيلد – روكفلر – مورغان) , ويتولى منذ تاريخ إنشاءه في عام 1913م , سلطة إصدار النقود (الدولار العملة الرسمية للولايات المتحدة الإمريكية) , ومن ثم إقراضها إلى البنوك الأخرى بفائدة فورية تتراكم كلما زاد حجم الدين ومدته , والتي تقوم تلك البنوك بدورها بطرح تلك النقود في السوق ذلك بتوزيعها للمؤسسات الحكومية و الخاصة و الأفراد , في مقابل فائدة أخرى تتحصل عليها , مما يترتب عنه فائدة وفائدة مركبة , وتصبح قيمة الدولار الذي يطبع أقل من الذي سبقه , بحيث يكون كل دولار يطبعه البنك الإحتياطي الفدرالي دين على الشعب الأمريكي , مما يدفع الحكومة الأمريكية إلى فرض المزيد والمزيد من الضرائب على مواطنيها .

وفي مطلع سنة 1963م ذات السنة التي إغتيل فيها , وقع الرئيس الأمريكي جون إف كيندي أمراً رئاسياً تحت رقم 11110 , سيمكن الحكومة الأمريكية من إصدار نقود حقيقية تعادل قيمتها فضة قابلة للإستبدال بها , دون الاستعانة بالبنك الإحتياطي الفدرالي , وبعد ستة أشهر من قراره هذا تم إغتياله , وبعدها مباشرة قام الرئيس التالي ليندون جونسون بإلغاء ذلك القرار الرئاسي وهو في الطائرة قبل وصوله لتسلم المهام في البيت الأبيض , ومنذ ذلك الحين لم يتجرأ أي رئيس على إثارة ذلك الموضوع مرة أخرى.
- موقف كينيدي من الجماعات السرية العالمية ..
       في يوم 22 نوفمبر 1963م , ذات يوم إغتياله, انقطع البث التليفزيوني الأمريكي ليذيع خطاب الرئيس جون إف كينيدي علي الأمة الأمريكية والعالم , حيث تحدث فيه صراحةً عن الجماعات السرية , وضرورة موجهتها والتصدي لها وطالب خلاله الشعب الأمريكي بإعطائه تفويضًا لمواجهتها فقال ..
” سيداتي سادتي .. الكلمة " سرية " كريهة بحد ذاتها في مجتمع حر و مفتوح و نحن كشعب قد عارضنا ثقافياً و تاريخياً المجتمعات السرية , و القسم السري , و الإجراءات السرية , لأنه يقاومنا حول العالم مؤامرة مونليثية عديمة الرحمة تعتمد بشكل رئيسي على السرية لتوسيع دائرة نفوذها , على التخلل لا الترقي , على الفتنة بدلا من الانتخابات , على التخويف بدلا من الاختيار الحر , إنه نظام جند من أجله موارد مادية و بشرية هائلة ، من أجل بناء نسيج محاك بإحكام ، أجهزة فعالة تجمع عمليات دوبلوماسية و عسكرية و استخباراتية وسياسية و علمية و اقتصادية , تحضيراته مخفية و ليست منشورة , أخطاؤه مدفونة و ليست معلنة , المنشقون عنه يتم إسكاتهم، بدلًا من مدحهم ، إنفاقه لا يسأل عنه .. و لا يكشف أسراره , لهذا المشرع الأثيني سولون قضى أن إحجام أي مواطن عن الجدال جريمة.. وأنا أطلب مساعدتكم في مهمة إعلام الشعب الأمريكي وتحذيره ، مؤمنًا أنه بمساعدتكم ، سيكون الإنسان مسيرًا لما خلق إليه.. حُراً، ومستقلاً.
- موقف كينيدي من الدول العربية ..
أما على صعيد الشرق الأوسط ، فقد شهدت فترة رئاسة كينيدي محاولات للإنفتاح على البلدان العربية، ولا سيما مصر في عهد الرئيس جمال عبد الناصر.
فأكد الدكتور/ أديب صالح اللهيبي , أن الرئيس جون كينيدي إستطاع أن يوجد قنوات إتصال جديدة لم يعمل بها بشكل واسع من قبل في عهد الإدارات الأمريكية السابقة , وكان ذلك بادرة جيدة لتطور العلاقات العربية الأمريكية في وقت مبكر من إدارة كينيدي , فمثلاً موقف كينيدي حول مشكلة اللاجئين الفلسطينين ورسائله إلي قادة الدول العربية وتصريحاته حول تلك المشكلة , أثارت مخاوف قسم كبير من أعضاء الكونجرس الأمريكي الذين وجدوا فيها تراجعاً عن الموقف الأمريكي الثابت إزاء المشكلة والمؤيد لإسرائيل , وحيث قام الرئيس كينيدي بمبادرة جديدة تسهم في حل مشكلة اللاجئين الفلسطينين , مستنداً إلي قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 4604 في 21 نيسان 1961م , والداعي إلي تفعيل عمل لجنة التوفيق الفلسطينية.
كما أنه في عام 1962م , قامت جماعة الضغط الصهيونى بالولايات المتحدة الامريكية بالتأثير على نقابة عمال الشحن والتفريغ بميناء نيويورك ، ليقاطعوا شحن وتفريغ سفينة الشحن المصرية كليوباترا للضغط على مصر ، فظلت السفينة في الميناء دون شحن أو تفريغ , مما إضطر الرئيس الأمريكى جون كينيدى إلي إتخاذ موقف نبيل بأمر الجيش الأمريكى بتفريغ وشحن السفينة المصرية.
- موقف كينيدي من الحروب والسلام ..
كان الرئيس الأمريكي جون إف كينيدي ذو طبيعة شرهه للسلام , وكان يسعى بكل قوة للقضاء علي أي شرارة من شرارات الصراعات والنزاعات في العالم وخاصة بين الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأخرى .
ويتجلى ذلك بوضوح في موقف كينيدي من غزو كوبا , فقد أرادت وكالة المخابرات المركزية أن يتم التخلص من كاسترو ، الأمر الذي لم يفعله كينيدي , فحيث تولى كينيدي مهام الرئاسة الأمريكية في فترة من أكثر الفترات الحرجة في التاريخ الأمريكي , هي فترة الحرب الباردة مع الإتحاد السوفيتي .

حيث شهدت هذه الفترة الأزمة الأخطر على صعيد الحرب الباردة ، والتي تمثلت فيما عرف بأزمة الصواريخ الكوبية في عام 1962م , التي كادت أن تتسبب في نشوب حرب نووية بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية , إلا أن رد كيندي كان علي غير المتوقع , حيث تعهد بعدم غزو كوبا في مقابل سحب الصواريخ النووية السوفيتية , وليس فقط ذلك .. بل إتجه الي إعلان سعيه لإنهاء الحرب الباردة , وبدء بالفعل في التعاون مع الزعيم الروسي خورشوف , بحيث تم في عام 1963م التوقيع مع كل من الاتحاد السوفيتي وبريطانيا على معاهدة لحظر التجارب النووية في الجو، كأولى إتفاقيات الحد من التسلح في ظل الحرب الباردة.
وتجلى سعي كينيدي الدئوب لإنهاء الحرب الباردة في خطابه في الأمم المتحدة يوم 20 أيلول/سبتمبر1963م .. ” لقد وصلنا اليوم إلى وقفة في الحرب الباردة , ولكن ذلك ليس سلاماً دائماً , فتشكل معاهدة حظر التجارب معلماً بارزاً , ولكنها ليست كافية , إن لم نتحرر من إلتزاماتنا , لقد أعطيت لنا فرصة ,وفي حال فشلنا في تحقيق الاستفادة القصوى من هذه اللحظة و هذا الزخم , وإذا حولنا آمالنا وتفاهماتنا الجديدة إلى جدران جديدة وأسلحة عدائية , إذا كانت هذه الوقفة في الحرب الباردة تؤدي فقط إلى إعادة تجديدها وليس إلى إنهائها , فلا شك أن الأجيال القادمة سوف تشير عن حق بأصابع الاتهام إلينا جميعاً , ولكن إذا تمكنا من تمديد هذه الوقفة إلى فترة من التعاون , إذا كان بإمكان الجانبين الآن اكتساب ثقة وخبرة جديدتين في التعاون الملموس من أجل السلام , ولكن إذا استطعنا الآن أن نتحلى بالجرأة وبعد النظر في السيطرة على الأسلحة الفتاكة كما كنا خلال إنشائها , عندئذ من المؤكد أن هذه الخطوة الصغيرة يمكنها أن تكون بداية رحلة طويلة ومثمرة. “
ويعتقد الكاتب الأمريكي جيسى فينتورا , وهو الحاكم الأسبق لولاية مينيسوتا , أن كينيدى أغتيل لأنه كان يسعى إلى إبرام السلام مع الاتحاد السوفيتى آنذاك ، حيث أنه بذلك يعرض للخطر نفوذ هيئة التصنيع العسكرى .
وحيث أنه مرة أخرى .. فإن حرب فيتنام أصبحت هدفا إقتصاديا هاماً أيضاً , ألا أن كينيدي لم يقتنع أبداً بذلك , فلم يقتنع أبداً بشن الحروب والتضحية بالدماء من أجل تحقيق أرباح مالية وإقتصادية مهما بلغت.
فكان رفض كينيدي الحرب علي فيتنام الشمالية أمراً محسوماً لا جدال فيه , حتى أنه أمر بوضع خطة لسحب جميع أفراد جيش الولايات المتحدة الأمريكية من جنوب فيتنام بحلول نهاية عام 1965م , وكانت تلك واحدة من أقوى الخطط الصادرة من قبل البيت الأبيض , وتم إصدار مذكرة الأمن القومي رقم 263 , التي أمرت بإعادة أول 1000 جندي حتى نهاية ديسمبر 1963م بمناسبة أعياد الميلاد , ولكن بعد أسبوع من قتل الرئيس الفيتنامي في سايجون , وقبل أسبوعين من إغتيال كينيدي , ألغى مجلس الأمن القومي ذلك الأمر في 7 يونيو 1963م , إلا أن كينيدي أصر علي إكمال الخطة.
وغني عن الذكر .. أنه بعد إغتيال كينيدي تم الإعلان الرسمي الأمريكي للحرب علي فيتنام الشمالية في عام 1964م , بناءً علي حادثة مزعومة تتضمن الهجوم علي مدمرات أمريكية من قبل مراكب الفيتناميين الشماليين في خليج توكنين , والتي دعيت بحادثة خليج توكنين , هذه الحادثة الوحيدة , كانت ذريعة للإنتشار الهائل للقوات الأمريكية و لكامل الحرب , إلا أنه مشكلة واحدة تبقت , هي أن الهجوم علي مدمرات أمريكية بالمراكب بي تي الفيتنامية في خليج توكنين لم يحدث قط , فلقد مثلت بالكامل للحصول علي عذر لدخول الحرب , حيث ذكر وزير الدفاع الأسبق روبرت ماكنامارا بعد سنوات , أن حادثة خليج تونكين كانت خطأ , بينما إعترف العديد من المطلعين والضباط معبرين أنها كانت مهزلة مدبرة , خدعة كاملة .
بل الأكثر من ذلك .. في أكتوبر 1966م , الرئيس ليندون جونسون خليفة كينيدي , رفع القيود التجارية علي الحظر السوفيتي , رغم معرفته تماماً أن السوفييت كانوا يزودون أكثر من 80% من تجهيزات الجيش الفيتنامي !!!
والأكثر والأكثر من ذلك .. أنه في عام 1985م , صرح بالكشف عن قواعد الإشتباك التي كانت متبعة في حرب فيتنام , وتلك القواعد تفصل ما كان يسمح ويمنع للقوات الأمريكية أن تفعله في الحرب , إلا أنه كانت المفاجئة في تضمنته تلك القواعد من سخافات لا تتفق والمنطق , مثل ممنوع قصف أنظمة الصاروخ الفيتنامية الشمالية المضادة للطائرات , حتى يتم التأكد بأنها تعمل بالكامل , ممنوع ملاحقة أي عدو بعد عبوره حدود لاووس أو كمبوديا , ممنوع مهاجمة الأهداف الحرجة والإستراتيجية , مالم يسمح بذلك من قبل المسئولين العاليين العسكريين , والدهشة الحقيقة عندما تعلم , أن فيتنام الشمالية كانت تعلم بهذه القيود , لذا أمكنها خلق إستراتيجيات كاملة حول قيود القوات الأمريكية , ولهذا إستمرت الحرب طويلاً ..
 ويستنتج من ذلك أنه لم تكن النية أبداً ربح حرب فيتنام , فقط كانت النية أن تستمر أطول وقت ممكن , لتحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح ,  نحن نتحدث عن مال وفير , فهل نتخيل كم عدد طائرات الهليكوبتر التي فقدت في فيتنام ؟ تقريباً أكثر من 3000 طائرة , من الذي يصنعها ؟ بيل هليكوبتر الذي يملك شركة بيل , وحيث كان بيل علي وشك الإفلاس لولا طلب بنك بوسطن الأهلي من وكالة المخابرات المركزية , إدراج طائرات الهليكوبتر في حروب جنوب شرق أسيا , وماذا عن عدد المقاتلات F-111 , التي تنتجها شركة جنرال ديناميكس فورت وورث تكساس , إن ميزانية الدفاع بالولايات المتحدة الأمريكية كانت في عام 1949م 10 مليار دولار , إرتفعت منذ بدأت الحرب علي فيتنام إلي 75 مليار دولار , ثم إرتفعت إلي 100 مليار دولار , حتى وصلت إلي 200 مليار دولار قبل إنتهائها , حرب الأرباح تلك أدت إلي موت 58000 أمريكي , و3 مليون قتيل فيتنامي , لذا أين نحن الآن ؟
لا لكينيدي آخر ..
وحتى لا يكون هنالك كينيدي آخر ..
تم إغتيال السيناتور الأمريكي روبرت فرانسيس بوبي كينيدي شقيق الرئيس الأمريكي جون إف كينيدي في 5 يونيو / حزيران 1968م , بعد منتصف الليل بقليل في لوس أنجلوس خلال خوضه الإنتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة لعام 1968م , كمرشح للحزب الديمقراطي , عقب فوزه في المرحلة الأولى في كاليفورنيا وداكوتا الجنوبية , أمام ريتشارد نيكسون , وأدين سرحان سرحان المهاجر الفلسطيني الذي يحمل الجنسية الأردنية والبالغ من العمر 24 عاما بتهمة قتله , ودفن روبرت كينيندي بجوار رفاة شقيقه جون في مقابر أرلينغتون الوطنية .
وأخيراً ..
كان جون كينيدى الرئيس الأمريكى الكاثوليكى الوحيد وأصغر رئيس أمريكى منتخب , حيث كان عمره 43 عاماً عندما وصل إلى رئاسة الولايات المتحدة , وأول رئيس يولد فى القرن العشرين ، ورغم أنه تولى الرئاسة فى فترة حرجة من الصراعات وخاصة الحرب الباردة ، إلا أن مواقفه كانت في غاية الشجاعة , بحيث إقترح بفرض ضرائب على أصحاب الثروات الخيالية , كما ساند حركة الحقوق المدنية ، والتزم ببرامج الجبهة الجديدة التى ترمى إلى تقليص الفقر والتمييز العنصرى ،  حتى أن السود قالوا عنه .. أنه معتدل "زيادة عن اللزوم" ، وكانت شهرته بين الشباب أكثر من غيرها , فكان أمل الشباب والشابات وطموحاتهم ، وسعى إلى خلق المزيد من فرص العمل لأصحاب الأفكار المبتكرة ، وكانت من أهم الأحداث فى فترة ولايته عملية اقتحام خليج الخنازير وأزمة الصواريخ الكوبية ، وبناء جدار برلين والإرهاصات الأولى لحرب فيتنام , وحركة الحقوق المدنية الأمريكية , وسباق غزو الفضاء , حيث إنه صاحب الوعد الشهير بإنزال إنسان على القمر، وقد ألف كينيدى كتباً عديدة من أشهرها لماذا نامت إنجلترا ، وصورة عن الشجاعة ، كما نال شرف جائزة بوليتزر.
فما حاجة العالم الآن .. إلي زعيم مثل جون كينيدي ..
إسلام محمد رضوان
محام ومدون
22/11/2016م المنيا
المصادر..
1)       جون كينيدي والصفحات المتعلقة بها وكيبيديا الموسوعة الحرة - https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AC%D9%88%D9%86_%D9%83%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%AF%D9%8A .
2)       وليد الشيخ - فضائح تحقيقات المباحث الفدرالية الأمريكية - العرب نيوز -  http://alarabnews.com/alshaab/GIF/02-11-2001/a19.htm .
3)    المصري اليوم - بعد مرور 50 عاماً علي إغتيال كينيدي الرواية الرسمية مرفوضة ونظريات المؤامرة لم تتوقف - جريدة المصري اليوم - http://www.almasryalyoum.com/news/details/345126 .
4)    الموقع الرسمي للرئيس الراحل جون إف كينيدي (JFK) - https://www.jfklibrary.org/JFK/Historic-Speeches/Multilingual-Inaugural- Address/Multilingual-Inaugural-Address-in-Arabic.aspx .
5)      رونالد كيسلر - أسرار مكتب التحقيقات الفدرالي FBI – ترجمة/ أنطوان عبدالله - دار الكتاب العربي - طبعة 2012م.
6)      شريف الغامري - أسرار جديدة حول لغز مقتل كينيدي – الأهرام اليومي المصري - http://www.ahram.org.eg/NewsQ/329580.aspx  .
7)      محمود محارب - سياسة الغموض النووي الإسرائيلية - مجلة سياسات عربية - العدد 2 - أيار/ مايو 2013 - تصدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.
8)      محمد الحكيم - جون كينيدي واجه الصهيونية والمنظمات السرية فكان مصيره الإغتيال - جريدة التحرير المصرية -  http://www.tahrirnews.com/posts/103236/ .
9)      تسجيل لخطاب الرئيس الأمريكي جون إف كينيدي المذاع علي التليفزيون الأمريكي يوم 22/11/1963م - http://www.youtube.com/watch?v=utYcF...eature=related .
10)   قسم البحوث والدراسات - جون فيتزجيرالد كينيدي أصغر رئيس (1917م-1963م) - الجزيرة نت القطرية -  http://www.aljazeera.net/specialfiles/pages/92e9fba2-20a5-4965-98ff-471cdce7e5e3 .
11)  أديب صالح اللهيبي - موقف الولايات المتحدة الأمريكية من مشكلة اللاجئيين الفلسطينيين (1948م – 1967م) - دار غيداء للنشر والتوزيع.
12)  جون إف كينيدي - خطاب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة - في 20 أيلول/ سبتمبر 1963م -
13)  جاك دافي - لقاء مع إذاعة صوت روسيا - بعنوان خبير يكشف لإذاعة صوت روسيا لغز إغتيال كينيدي - https://arabic.sputniknews.com/arabic.ruvr.ru/2013_11_18/124619244.
14)  أوليفر إستون – فيلم JFK – إنتاج 1991م – نص الحوار من الدقيقة 110 حتى الدقيقة 125 .
15) روح العصر – وثائقي علي الأنترنت – https://www.youtube.com/playlist?list=PL28341435E3F87191 – من الدقيقة 53 حتى الدقيقة 56 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لا تكن سلبي تقرأ وترحل.
كن إيجابي وشارك برأيك.

الأكثر مشاهدة ..